الخميس، 2 سبتمبر 2021

أسطورة "كوافو" ما وراء الحاجات

كنت قاعد في اوضتي مع ابو الأنوار ببعت معاه السلام المكسيك مع السلام في المريخ مع الشباب ولسه هنذيع نبيع كلام لقيت مُكالمة واردة من زهير صاحبي بيقولي فيها انه مُقدِم علي مهمة قد تكون انتحارية ..خير يازهير ..قالي انه معدش طايق الحر ده فقرر ينقذ نفسه وينقذ البشرية ويروح يحارب الشمس ويهزمها عشان يخليها تحت سلطته ويتحكم في حرارتها..بغض النظر عن اللفظ الي قولتهوله ساعتها لكن ابن الهبلة ده مجاش بفكرة جديدة يعني ، هو متأثر ب "كوافو "مش اكتر .

في فترة غير معلومة من الزمن بيقولك ياسيدي كان في شخص اسمه "كوا فو " عايش في أقاليم البراري الشمالية في الصين مع قبيلته الي كانت بتحمل نفس الإسم لأنه كان القائد بتاعهم ، المهم القبيلة دي ضاقت بالشمس ذرعًا بسبب الحر والقيظ الشديد الي كانوا بيتعرضوله منها لحد ما في يوم استيقظ قائدهم علي فاجعة وهي ان الشمس كانت بتحرق في كل شيء ..أشجار بيوت حيوانات محاصيل بني ادمين إلهام شاهين كله مسابتش حد عايش غير كوا فو ، طبعا عمك كوافو غضب وزمجر كده وعنيه احمرت وقال جرا ايه ياشمس "اه قالها بس بالصيني " ، وخد علي عاتقه انه لازم يروح يحارب الشمس ويهزمها ويخليها تحت إمرة الإنسان ، وبدأ رحلته ناحية مشرق الشمس وكان كل ما يعطش في الطريق مرة يشرب بحيرة ومرة يشرب بحر ومرة يعطش اوي فيشربله محيط كتصبيرة ومرة يِحس انه بردان فيمسك جبلين يطقشهم في بعض عشان يعمل نار ويدفي "يُقال انه وهو بيولع النار اتلسع فقال يح لِذا وجب التنويه  "  ، وأخيراً وصل للمكان المنشود عند بيت الشمس ودارت ما بينهم معركة كانت له الغَلبة وخد عهد عليها انها متأذيش البشر تاني بحرارتها ، وأثناء عودته شعر  بقرب نهايته فحدف عصايته علي الأرض اتحولت لأشجار عشان يستظل بيها الناس..وبكده تنتهي قصة كوا فو البطل الحلو الجدع ابو عيون جريئة . 

بعيدا عن هذا الهبد فالأساطير الي زي دي او الاساطير عامة مش بيكون غرضها التسلية البحتة وانما هي بتحمل عبرة وعظة للشعب الي بتظهر عنده الأسطورة دي ، يعني مثلا أسطورة كوافو الغرض منها بث روح التضحية من أجل الوطن عند الصينيين وان ازاي الفرد ممكن يضحي من اجل المجتمع بالإضافة لوجود اغراض تانية زي ترسيخ فكرة وجود فضل للصين أو لكوافو علي العالم لأن معظمهم هناك مؤمنين ان الكلام ده حصل فعلا . 

بس برضه خلينا نتناول القصة دي من منظور تاني ..هل هي خيالية بحتة تخلو من اي حقيقة ؟ 

بص هو فكرة وجود مبالغات كبيرة  فيها ده شيء اكيد وشخصية كوا فو الي بيزعموا هناك انها حقيقية ممكن يكون كان رجل عادي لكن تم صياغة قصته بالطريقة الي تخليه بطل او ممكن يكون شخصية وهمية عادي جدا ، وسواء كان كده او كده ده ميهمنيش ما يولع انا الي يهمني ان في تأثر واضح وملحوظ بين القصة وقصص تانية حقيقية موجودة في الإسرائيليات والتراث الإسلامي ، يعني مثلا شخصية كوافو نفسها الي بتمثل الشخص المُخلِص دي في شبه بينها وبين ذو القرنين سواء كان في رحلته مع جيشه أو موضوع العلاقة ما بينه وبين الشمس وانها اتسخرت له في الحلم ، وعندك جزئية شرب كوافو  للبحار والمحيطات الي بتفكرك بصفات يأجوج ومأجوج الي اتذكرت سواء في الإسلام أو الأديان التانية ، وموضوع العصا الي بتتحول دي والي فيه شبه بين وصفها ووصف عصا موسي. 

الي عايز اقوله إن الأساطير الي بتكون في التراث الشعبي بالرغم من أنها بتحتوي علي مبالغات كبيرة وحاجات مستحيل تحصل لكنها مش بتكون مكتوبة بالكامل من العدم وانما بتكون متأثرة بأحداث تانية حقيقية سبقتها تعود لمعتقد معين يعني مثلا أسطورة اوزيريس عند المصريين القدماء والي اتذكرت في كتاب المؤرخ مانيتون السمنودي في شبه كبير اوي بينها وبين قصة سيدنا ادريس عليه السلام الي اتذكرت في كتاب البداية والنهاية لابن كثير سواء كان الأماكن الي راحوها أو التعاليم الي علموها للناس أو ان الاتنين في كل قصة هما اول شخص لبسوا المخيط فواضح جدا ان المصريين القدماء كان عندهم خلفية دينية كبيرة خليتهم يصيغوا قصة اوزيريس بالطريقة دي بل ان في مؤرخين بيقولوا ان ادريس واوزيريس هما اصلا نفس الشخص لكن حصل تحريف بسيط عند المصريين في نقل قصته وده حسب الي قاله استاذ وليد فكري في كتابه "اساطير مقدسة " . 

فالخلاصة ان العقل البشري عنده الإبداع الكافي لخلق حكاية أو أسطورة لكن لازم يكون فيها عنصر حقيقي يمثله التربة الخصبة الي يبني عليها قصته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نبذة مُختصرة عنّا

استحمارولُوجيا

أنا عبدالله ... ويكفي أن تعرف هذا عني
اُقدم ما يهمني وليس ما يهمك ولكن هذا لا يمنع أن تكون بيننا اهتمامات مشتركة





فريق 2071، عمرو بدير

التاريخ والوقت

شُركائنا